المرأة الريفية: مفتاح إعادة البناء بشكل أفضل في عالم ما بعد جائحة كوفيد
في أوقات الأزمات تمثل المرأة المحور الرئيسي لمواجهة الأزمة على مستوي الأسرة والمجتمع لما تتمتع به من معارف وخبرات مكتسبة من البيئة المحيطة ومن التجارب المعيشية اليومية كونها ربة منزل أو ناشطة اقتصادية واجتماعية. ويتعاظم هذا الدور في وضعية المرأة الريفية التي تضطلع بمسؤوليات الأسرة والعمل الزراعي في الحقل الأمر الذي يستدعي تقديم الدعم والحماية لهذه الفئات من النساء
وكان لجائحة كوفيد-19 أثراً عميقاً على النساء الريفيات، على غرار عدد لا يحصى من الناس حول العالم. فقد تأثرت أنشطتهن الزراعية بدرجة أكبر مما تعرضت له الأنشطة الزراعية الذي يديرها المزارعين الذكور وذلك نسبة لعدم تكافؤ الفرص والمساواة في الوصول إلى الموارد والمشاركة المنصفة في كافة الانشطة الزراعية والاقتصادية ومع ذلك، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها المرأة الريفية، فإنها تُبرهن على قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمة - ويتضح مدى الدور الحاسم الذي تقوم به لتخفيف وطأة الجوع وانعدام الأمن الغذائي في المناطق الأكثر تضرراً.
ونحن نعلم والعالم يعلم أنه لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة دون تمكين النساء والفتيات اللائي يعشن في المناطق الريفية والبالغ عددهن 1.7 مليار نسمة. حيث إن تمكين المرأة الريفية يحقق الرفاه والاستقرار للأسرة وللمجتمع
المرأة الريفية ، مفتاح لعالم خالٍ من الجوع والفقر
إن تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين وتمكين المرأة تعد من أهم مبادي حقوق الإنسان للمرأة ، وهي أيضا من مرتكزات خطة التنمية المستدامة 2030 والتي تدعو بشكل صريح ألا يستثني أحد من الركب التنمية، وهي كذلك إحدى العناصر المهمة في مكافحة الفقر المدقع والجوع وسوء التغذية
تشير الإحصاءات والمؤشرات العالمية إلى أن النساء يشكلن أكثر من 40 في المئة من القوة العاملة الزراعية في البلدان النامية ، وتتراوح من 20 في المئة في أمريكا اللاتينية إلى 50 في المئة أو أكثر في أجزاء من أفريقيا وآسيا.ومع ذلك ، فهم يواجهون تمييزًا كبيرًا عندما يتعلق الأمر بملكية الأراضي والمواشي ، والمساواة في الأجور ، والمشاركة في كيانات صنع القرار ، والوصول إلى الموارد والائتمان والسوق لتزدهر مزارعهم.تحسين حياة المرأة الريفية هو مفتاح مكافحة الفقر والجوع. كما إن منح النساء نفس الفرص التي يتمتع بها الرجال يمكن أن يرفع الإنتاج الزراعي بنسبة تتراوح بين 2.5 إلى 4 في المئة في أفقر المناطق ويمكن من خفض عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية بنسبة تتراوح بين 12 إلى 17 في المئة.
الـمـرأة الـريـفـيـة: رافعة الأمـن الـغـذائـي والرفاه
من المُسلَّم به أن الزراعة هي المُحرِّك الرئيسي للنمو في المجتمعات الريفية في شتى أرجاء العالم، وأن المرأة هي العمود الفقري للأسر الريفية. وفي حين أن النساء غالبًا ما يكدحن في المنزل وفي المزرعة لتلبية احتياجات أسرهن، فإنهن لا يتمتعن عادةً بجميع ثِمار عملهن.
وتغطي هذه المسؤوليات مجموعة كبيرة من الأعمال المنزلية والزراعية، بما في ذلك تربية المحاصيل وإعداد الطعام ورعي الماشية وجلب المياه ورعاية الأطفال وإدارة شؤون الأسرة. كما أنه من المرجح أيضًا أن تشارك النساء في العمل غير مدفوع الأجر والعمل الموسمي والعمل بدوام جزئي، وغالبًا ما يتقاضين أجورًا أقل مقابل عملهن مقارنةً بالرجال.وسواءً كنّ يؤدين عملًا مدفوع أو غير مدفوع الأجر، فإن إسهامات النساء ذات أهمية حاسمة لمجتمعاتهن. ومع ذلك، فهن يواجهن عقبات في الوصول إلى التنمية الزراعية مثل المعرفة، التدريب والمدخلات الزراعية والأراضي. وهذه الحواجز لا تمنع النساء من بلوغ كامل إمكاناتهن فحسب، لكنها تكلف مجتمعاتهن المحلية الكثير أيضًا. فوفقًا لتصريحات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإنه إذا أتيحت للنساء نفس فرص الحصول على الموارد مثل الرجال، يمكن أن يزيد الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 20-30 في المئة، مع إمكانية الحد من انعدام الأمن الغذائي لحوالي 100-150 مليون شخص على مستوى العالم.تعاني النساء أيضًا من انعدام الأمن الغذائي بمستويات أعلى من غيرهن، ففي العام 2020، ارتفع عدد الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الحصول على الغذاء الكافي بنحو 20 في المئة، ليصل عددهم إلى أكثر من 2.3 مليار شخص، ومن المؤسف أن معظمهم من النساء الريفيات.
لذلك وضعت المنظمة العربية للتنمية الزراعية المرأة الريفية نصب اعينها وفي صميم جهودها من أجل التنمية في مناطق مختلفة. وعلى مدى الأربعة عقود الماضية، قدّمت المنظمة الدعم للمرأة الريفية عبر مجموعة متنوعة من المشروعات ومبادرات تنمية القدرات، مع تزويدهن بالأدوات والمهارات اللازمة لزراعة محاصيل قادرة على التكيف وتحسين سبل معيشتهن.ففي نهاية المطاف، تمثل المرأة الريفية جوهر التنمية الزراعية المستدامة، حيث إن عملها بالغ الأهمية للأمن الغذائي وسبل العيش في العديد من البلدان. ولهذا، فإنها عندما تعمل بشكل جيد، سيتحقق الرخاء للدول أيضًا، وبدوره، سينتقل هذا الرخاء إلى الأجيال القادمة.